فليك يعيد برشلونة إلى القمة: ثلاثية تُكتب في التاريخ

فليك يعيد برشلونة إلى القمة: ثلاثية تُكتب في التاريخ

فليك يعيد برشلونة إلى القمة: ثلاثية تُكتب في التاريخ

في موسم لا يُنسى، أعاد الألماني هانز فليك الروح إلى برشلونة، وقاده لتحقيق ثلاثية محلية نادرة: الدوري الإسباني، كأس الملك، وكأس السوبر الإسباني، ليعلن عودته القوية إلى عالم التدريب، بعد خيبة أمله مع منتخب ألمانيا.

لكن هذا الإنجاز لم يكن ضربة حظ، بل ثمرة لعمل عميق ورؤية واضحة، ومشروع أعاد للكتلان شخصيتهم، وهويتهم، وهيبتهم.

من الشك إلى المجد: البداية لم تكن سهلة

عندما أعلن برشلونة تعاقده مع فليك في صيف 2024، كان النادي يعيش حالة من الإحباط، بعد موسم باهت مع تشافي هيرنانديز، فقد خلاله الفريق توازنه، وبدت ملامحه ضائعة أمام ريال مدريد محليًا، وأوروبا على حد سواء.

الشكوك أحاطت بتعيين فليك. فالفترة التي قضاها مع المنتخب الألماني كانت متعثرة، وتساءل كثيرون عن قدرته على التأقلم مع بيئة برشلونة المعقدة والمليئة بالتحديات.

لكن المدرب الألماني لم يلتفت كثيرًا للضجيج. لم يكثر من الوعود، بل اختار أن يجعل الملعب ناطقًا باسمه، kooralive.

مشروع بلا صفقات.. وثورة في الذهنية

في ظل الأزمة المالية التي كبّلت النادي، لم يحصل فليك على تعاقدات ضخمة. اكتفى بضم الجناح داني أولمو والمهاجم الشاب باو فيكتور، معتمدًا على اللاعبين المتاحين، ومراهنًا على تطويرهم بدنيًا وذهنيًا.

فرض فليك نظامًا صارمًا في التدريبات، أعاد الانضباط لغرفة الملابس، ووزّع الأدوار بوضوح، لتبدأ ملامح الفريق في التشكّل منذ فترة الإعداد.

ومع انطلاق الموسم، بدا برشلونة جديدًا: فريق منظم، مقاتل، متعطش للبطولات. وكأن الروح التي غابت برحيل ميسي، عادت من جديد… بوجه ألماني هادئ، لكن حاد.

فليك التكتيكي.. حين يتحدث الملعب

هانز فليك ليس مجرد مدرب، بل مهندس تكتيكي يعرف كيف يوظف نقاط القوة، ويُعيد بناء منظومة.

دمج بين هوية برشلونة الكلاسيكية في الاستحواذ والتمرير، والصلابة الألمانية المبنية على الضغط العالي واللعب العمودي السريع. تنقل ببراعة بين خطتي 4-3-3 و4-2-3-1، حسب متطلبات المباريات، محافظًا على توازن الوسط، ومرونة الأجنحة.

حرر الظهيرين هجوميًا، خاصة أليخاندرو بالدي بعد عودته القوية، واعتمد على ديناميكية بيدري ودي يونج، بينما استفاد من صلابة باو كوبارسي وتطور كوندي في الخط الخلفي.

أكبر اختبار تكتيكي كان في المباريات الكبرى، حيث تفوق فليك بوضوح. 4 انتصارات على ريال مدريد في الكلاسيكو، وسيطرة كاملة على أتلتيكو مدريد، إشبيلية، وفالنسيا، أظهرت أن برشلونة بات يملك شخصية بطولات من جديد، كورة لايف.

رافينيا ويامال.. نجمان تحت الضوء

من أبرز إنجازات فليك، تحويل رافينيا من لاعب مزاجي، إلى نجم منضبط وفعّال. منحه حرية التحرك بين الجناح الأيمن وصانع اللعب، وطور لمسته الأخيرة. النتيجة؟ 34 هدفًا، و25 تمريرة حاسمة في 55 مباراة.

أما المفاجأة الكبرى فكانت الشاب لامين يامال، الذي لم يتجاوز الـ17 عامًا، لكنه أصبح ركيزة أساسية. لعب كجناح أيمن وأيسر، وحتى خلف المهاجم، مستفيدًا من سرعته وجرأته. سجّل 17 هدفًا، وصنع 25، بينها أهداف حاسمة ضد ريال مدريد في نهائي السوبر.

فليك لم ينجح فقط في بناء فريق، بل صنع نجومًا.

الهيمنة المحلية.. ورسالة أوروبية واضحة

أنهى برشلونة الموسم متوجًا بالدوري الإسباني، بفارق مريح عن ريال مدريد، مع أعلى معدل تهديفي، وفوزين كبيرين في الكلاسيكو.

حصد كأس الملك، ورفع كأس السوبر الإسباني بعد أداء مبهر أمام الغريم التقليدي، وكاد يذهب بعيدًا في دوري الأبطال، لولا الخروج بشرف أمام إنتر ميلان في نصف النهائي.

لكن الأهم من الألقاب، هو أن برشلونة استعاد نفسه.

مشروع لا ينتهي

في موسم واحد، أعاد فليك الثقة لغرفة الملابس، أعاد الجماهير للمدرجات، وأعاد الخصوم للحسابات.

بثلاثية محلية، ودفاع حديدي، وهجوم ناري، أعلن أن برشلونة لم يعد فريقًا في طور البناء، بل نادٍ يملك مشروعًا ناضجًا، ومدربًا لا يجامل، لا يرتجل، ولا يتردد.

هانز فليك لم يأتِ ليُجرب، بل ليبني. وبما حققه، دخل تاريخ النادي من أوسع أبوابه، وأعاد كتابة الرواية: برشلونة عاد.. وبقوة.

مقالات ذات صلة